الموت حقيقة مدركة لا يصح لأحد إنكارها , وهو واقع لا محالة وقد أوضح ذلك سبحانه وتعالى في عدة آيات في كتابه العزيز
فمما قاله سبحانه وتعالى : كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة
قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم
أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة
وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت عنه تحيد
هذا هو الموت فما الذي يكون بعد الموت ؟ إن ما يكون بعد الموت من الأمور الغيبية فلا سبيل للعقل إليه , بل مرد ذلك إلى خبر الصادق
الرسول محمد عليه الصلاة والسلام الذي أخبرنا أن الإنسان إذا مات انتقل إلى عالم جديد هو عالم البرزخ
فما هو عالم البرزخ وماذا يحدث فيه ؟
البرزخ في اللغة العربية الحا جز بين شيئين , ومنه قوله تعالى (( مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان ))
وقال تعالى : وهو الذي مرج البحرين هذا عذ ب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا
والبرزخ في عرف الشرع ما يكون بين الموت ويوم القيامة أو هو ما بين الدنيا والآخرة فأهل البرزخ ليسوا مع أهل الدنيا يأكلون
ويشربون ولا مع أهل الآخرة يجازون على أعمالهم من جنة أو نار ومن أحوال البرزخ ثلاثة أشياء :
1- ضغطة القبر : ورد في الحديث أن الإنسان بعدما يوضع في قبره يضغط عليه ضغطة لا يعلم حقيقتها ولا كيفيتها إلا الله
ولا ينجو أحد منها وهذه الضغطة تكون لطيفة للمؤمن الصالح وتكون شديدة وتدوم إلى يوم القيامة على الكافر والطالح
2- سؤال الملكين منكر ونكير للميت : ما إن يموت الإنسان ويواريه أهله التراب , حتى يحضر الله سبحانه وتعالى إليه ملكين
ليسألاه عن أقواله في الله والرسول ( ص ) وقد اتفق أهل السنة والجماعة على أن سؤال الملكين عام لجميع المكلفين
المسلم منهم والكافر , أما غير المكلفين كالصبيان والمجانين ومن لم تبلغهم الدعوة , فا نهم لا يسألون في البرزخ لأن سؤال القبر نتيجة للتكليف في الدنيا
ومن الأدلة على سؤال الملكين في القبر قوله تعالى : (( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثا بت في الد نيا والآخرة ويضل الله الظالمين))
3 – عذاب القبر ونعيمه : فترة البرزخ مرحلة من مراحل الجزاء الربا ني بالثواب والعقا ب ويدل على ذلك مجموعة من
نصوص القرآن الكريم والسنة الشريفة قال تعالى في شأن آل فرعون : ( فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآ ل فرعون سوء العذاب
النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب )
ومما ورد في الحديث الشريف ما أخرجه البخاري ومسلم عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قا ل:
إن أحدكم إذا ما ت عرض عليه مقعده بالغداة والعشي , إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة , وإن كان من أهل النار
فمن أهل النار فيقال هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة
وأخيرا السؤال الذي يطرح هل عذاب القبر ونعيمه جسماني ؟أم روحاني ؟ أم جسماني وروحاني معا ؟ أي على النفس والبدن ؟
إن هذا السؤال طرح على الإمام ابن تيمية , وقد أجاب عنه فيما نقله تلميذه ابن القيم قال :
(( وقد سئل شيخ الإسلام عن هذه المسألة , ونحن نذكر لفظ جوابه فقال : بل العذاب والنعيم على الأنفس والبدن جميعا
با تفاق أهل السنة والجماعة , تنعم النفس وتعذب منفردة عن البدن , وتنعم وتعذب متصلة بالبدن والبدن متصل بها ,
فيكون النعيم والعذاب عليهما في هذه الحال مجتمعتين , كما تكون على الروح منفردة عن البدن
جعلني الله وإياكم أخوتي الكرام في عداد عباده الصالحين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الرئيسية 
